تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً وإذا افترقن تكسرت أفرادا

هذا بيت شعر نادر، يصلح أن يكتب على بوابة الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، حتى لا يطمع فينا أحد ولا نستضعف ونكون يداً واحدة كحالنا لما اجتاحت قوات صدام الغازية الكويت الآمنة المطمئنة، فكانت دول مجلس التعاون يداً واحدة ضد هذا الغزو الهمجي غير المسبوق، رحم الله تعالى من طرح فكرة إنشاء مجلس التعاون الشيخ جابر الأحمد، طيب الله ثراه، «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا —–» آل عمران، 103، وحبل الله الجماعة، والجماعة نجاة، وبيت الشعر في هذا المعنى الرائع، أما صاحبه فهو القائد الفاتح المهلب بن أبي صفرة الأزدي، وللبيت قصة رائعة، رواها الطبري، فقال: لما حضرت المهلب الوفاة دعا حبيبا ابنه ومن حضر من أولاده، ودعا بسهام فحزمت وقال لهم : أترونكم كاسري هذه السهام وهي مجتمعة؟ قالوا : لا، ففرق السهام وقال لهم: أفترونكم كاسريها متفرقة؟ قالوا: نعم، قال: فهكذا الجماعة ثم أوصاهم بأن يكون أمرهم واحدا وألا يختلفوا في كلام طويل ثم قال:
كونوا جميعا يابني إذا اعترى
خطب ولاتتفرقوا آحادا
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا
وإذا افترقن تكسرت أفرادا
أما المهلب أبوسعيد فهو من مشاهير الأمراء القادة، وكان من أشجع الناس وأكثرهم سياسة، دوخ الخوارج حتى هربوا منه في كل مكان، كما كان سيدا جليلا نبيلا فقيها جوادا ليس له نظير، وكان آخر ما تولى خراسان من جهة الحجاج بن يوسف، وكانت وفاته في خلافة عبدالملك بن مروان سنة اثنتين وثمانين، ولما مات رثاه الشعراء، ومنهم نهار بن توسعة الذي قال فيه:
ألا ذهب الغزو المقرب للغنى
ومات الندى والجود بعد المهلب
أقاما بمرو الروذ لا يبرحانها
وقد قعدا من كل شرق ومغرب
ورثاه زياد الأعجم بأبيات مشهورة منها:
إن السماحة والمروءة ضمنا
قبرا بمرو على الطريق الواضح
فإذا مررت بقبره فاعقر به
كوم الهجان وكل طرف سابح
وانضج جوانب قبره بدمائها
فلقد يكون أخا دم وذبائح
وقد وصف المهلب أحد ألد أعدائه وهو قطرى بن الفجاءة فقال: المهلب من عرفتموه إن أخذتم بطرف ثوب أخذ بطرفه الآخر، يمده إذا أرسلتموه ويرسله إذا مددتموه ولا يبدؤكم بقتال إلا أن تبدؤوه، وما إن يرى فرصة سانحة إلا انتهزها، فهو الليث المبر والثعلب الرواغ والبلاء المقيم «انتهى»، فهذه شهادة أعدائه فكيف بشهادة من كان معه، وكان مولده في السنة الثامنة من الهجرة، وعده ابن سعد في طبقاته من التابعين، وكان المهلب يقول : الحياة خير من الموت  والثناء خير من الحياة ولو أعطيت ما لم يعطه أحد لأحببت أن تكون لي أذن أسمع بها مايقال في إذا مت، فاللهم وحد صفوفنا واكبت عدونا وأدم علينا نعمة الأمن والأمان.

شاهد أيضاً

وكيح

وكيح يهود صهاينة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.