ورزقك لا يعدوك إما معجل على حاله يوماً وإما مؤخر

أجملوا في الطلب، فرزق المرء سيأخذه عاجلا أم آجلا مكتوب في صحيفتك، وكل إنسان  مشغول باله في رزقه كأن الأمر بيده، ولاشك أن ديننا الحنيف أمرنا بالسعي وراء أرزاقنا، وربما بظن البعض أن الرزق المال فقط ولكن العافية رزق والولد رزق ونظر المرء رزق وطاعة الله تعالى رزق وحب النبي، صلى الله عليه وسلم، رزق، وإن كان بيت الشعر يعني به شاعره المال، والرزق أيها الأحبة مكفول فلم الهم والتفكير وقد بين المولى عزوجل ذلك في قوله: «وفي السماء رزقكم وما توعدون «22» فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما إنكم تنطقون «23»» الذاريات.
جلس الرجل الصالح إبراهيم بن أدهم يوما وبين يديه لحم فجاءت قطة فخطفت قطعة من اللحم وهربت، فقام إبراهيم وراءها وأخذ يراقبها فوجد القطة قد وضعت قطعة اللحم أمام جحر في باطن الأرض فتعجب من ذلك وظل يراقب وبينما إذ هو كذلك خرج ثعبان أعمى فقأت عيناه يخرج من الجحر فيجر قطعة اللحم الى داخله، فدهش إبراهيم، رحمه الله، ورفع رأسه الى السماء وقال : سبحانك يامن سخرت الأعداء يرزق بعضهم بعضا، وهذا دليل على أن رزق الله تعالى الذي قدره لايفوت عبده ولن تموت نفس حتى تستوفي رزقها، ولنعد الى بيت الشعر لنتعرف على صاحبه، فهو أبو تمام حبيب بن أوس بن الحارث بن قيس الطائي الشاعر العباسي المشهور، كان أوحد عصره في ديباجة لفظه ونصاعة شعره وحسن أسلوبه، وله كتاب الحماسة الذي يدل على غزارة علمه وفضله وحسن اختياره، وهو صاحب البيت السائر الذي يقول فيه:
إن الأسود أسود الغاب همتها
يوم الكريهة في المسلوب لا السلب
 وهو القائل أيضا:
ورزقك لايعدوك إما معجل
عل حاله يوما وإما مؤخر
فلا تأمن الدنيا وإن هي أقبلت
عليك فما زالت تخون وتغدر
فما تم فيها الصفو يوما لأهله
ولا الرفق إلا ريثما يتغير
وما لاح نجم لا ولا ذر شارق
على الخلق إلا حبل عمرك يقصر
فشمر فقد أبدى لك الموت وجهه
فليس ينال الفوز إلا المشمر
وأخلص لدين الله صدرا ونية
فإن الذي تخفيه يوما سيظهر
مدح أبوتمام الخلفاء والوزراء وأخذ جوائزهم وجاب البلاد وكان بحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة للعرب غير القصائد والمقاطيع ولما أنشد ابو تمام ابا دلف العجلي:
على مثلها من أربع وملاعب
أذيلت مصونات الدموع السواكب
استحسنها وأعطاه خمسين ألف درهم، وقال له والله مامثل هذا القول في الحسن إلا مارثيت به محمد بن حميد الطوسي، فقال أبوتمام: وأي ذلك أراد الأمير؟ قال: قصيدتك الرائية التي أولها:
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر
فليس لعين لم يفض ماؤها عذر
وددت والله أنها لك في، فقال: بل أفدي الأمير بنفسي وأهلي وأكون المقدم قبله، فقال : إنه لم يمت من رثي بهذا الشعر، ومحاسن هذا الشاعر كثيرة وقد ولد في قرية جاسم في الرقة سنة مئة وثمانية وثمانين، وتوفي سنة مئتين وإحدى وثلاثين للهجرة في مدينة الموصل. واكتفي بهذا القدر.

شاهد أيضاً

وكيح

وكيح يهود صهاينة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.