ولرب مأخوذ بذنب عشيرة… ونجا المقارف صاحب الذنب

هذا البيت من الأبيات المشهورة عند أرباب الأدب، والسؤال: أيؤخذ الرجل بجريرة صاحبه؟ أيسجن الرجل بذنب جناه أخوه؟ في مثل هذه الحالة نقول: على الدنيا السلام، وهي القسمة الضيزى التي نهانا الله عنها أشد النهي، والقسمة الضيزى، هي القسمة الظالمة الجائرة الناقصة المنافية للحق، يروي في العصر الأموي أن رجلاً حلق على اسمه أي وضع تحت المراقبة الشديدة، وصودر ماله وهدم منزله وسجن، فأدخل على الحجاج بن يوسف بقيوده فنظر إليه الحجاج نظرة غضب وقال له: ما شأنك؟ فقال الرجل بثبات جنان: أصلح الله الأمير أغضض عني بصرك، وارعني سمعك، وأكفف عني سيفك، فأن سمعت زللا أو خطأ دونك والعقوبة، فاستوى الحجاج جالساً وأعجبه منطقه وقال: قل أسمع!! فقال الرجل: عصي عاص من عرض العشيرة، فحُلق على اسمي، وهدم منزلي، وحرمت عطائي، وأخذت بذنب غيري، فقال الحجاج، هيهات، هيهات، أوما سمعت قول الشاعر:
جانيك من يجني عليك وقد
تعدى الصحاح مبارك الجرب
ولرب مأخوذ بذنب عشيرة
ونجا المقارف صاحب الذنب
فقال الرجل: أصلح الله الأمير، سمعت البارئ عز وجل يقول خلاف ما ذكرت، فقال الحجاج: وما ذاك؟ قال: يقول الله تعالى: «يا أيها العزيز إن له أباً شيخاً كبيراً فخذ أحدنا مكانه، إنا نراك من المحسنين، قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده «سورة يوسف الآية 78-79»، فنادى الحجاج كاتبه يزيد بن أبي مسلم فحضر فقال له: أفكك لهذا الرجل عن اسمه، واصكك له بعطائه، وابن له منزله، ومر منادياً ينادي بين الناس: صدق الله تعالى وكذب الشاعر «العقد الفريد» وربما سأل البعض عن صاحب هذه الأبيات وهو شاعر من شعراء الجاهلية من بني عمرو بن تميم يقال له: ذؤيب بن كعب بن عمرو، وهو قائد حرب قومه بني عمرو بن تميم في معركة تياس ضد بني سعد بن زيد بن مناة، وكان ذؤيب صاحب اللواء وقد قال هذه الأبيات لأبيه: كعب بن عمرو أثناء الحرب يقول في بعض أبياتها:
يا كعب إن أخاك منحمق
إن لم يكن بك مرة كعب
والحرب قد تضطر صاحبها
نحو المضيق ودنه الرحب
جانيك من يجني عليك وقد
تعدى الصحاج مبارك الجرب
ولرب مأخوذ بذنب عشيرة
ونجا المقارف صاحب الذنب
أما الحجاج بن يوسف الثقفي فسيرته معروفة لدى كثير من الناس، ولكن في سيرة هذا الرجل المشهور عجائب ذكرها أرباب التاريخ، ومنها أنه ولد في اليوم الذي قتل فيه الإمام علي بن أبي طالب، فأي باطل وقع وأي حق رفع، وفي هذه الرواية نظر لأن هناك من يذكر أنه ولد عام 41 للهجرة، ومن عجائبه انه ولد بلا مخرج، ذكر ذلك صاحب العقد الفريد في رواية متصلة، فاحتاروا في أمره فأشير عليهم أن يفتق له بآلة من ذهب ففعلوا ذلك، ثم أنه رفض الرضاعة، فأشير على أهله بأن يسقى بدم جدي ثلاثة أيام، ثم يسقى بدم سالح ويلطخ وجهه بالدم، ففعلوا ذلك وصلح امره، فكان بعد أن اصبح واليا لا يصبر عن سفك الدماء ويرى في ذلك لذة، على الرغم من أن أباه يوسف بن أبي عقيل كان رجلا صالحا ورعا، أما أمه فهي الفارعة بنت همام بن عروة بن مسعود الثقفي، وكانت زوجة للمغيرة بن أبي شعبة، فرآها تخلل اسنانها صباحا فنظر اليها المغيرة وقال: ان كنت باكرت الغداء لدنية، وإن كان الذي تتخللين منه طعام بقي في فيك منذ البارحة فإنك لقذرة! فطلقها مكانها، فقالت: والله ما كان شيء مما ذكرت، ولكني باكرت ما تباكره الحرة من السواك، فبقيت شظية من المسواك في فمي فحاولت ان اخرجها، ثم بعد ذلك لقي المغيرة يوسف والد الحجاج فقال له: يا يوسف تزوج من الفارعة فانها خليقة بأن تنجب رجلا يسود الناس، فتزوجها فأنجبت الحجاج، ومن عجائب الحجاج انه سأل راهباً: هل يجد في علمه ان رجلا عظيما يموت؟ فقال الراهب: نعم، ولست هو، اي ليس أنت، فقال له الحجاج: ومن هذا العظيم؟ قال رجل اسمه كليب، فارتاع الحجاج وعلم أنه المقصود لأنه اسمه في صغره: كليب.
أكتفي بهذا القدر.
دمتم سالمين، وفي أمان الله.

شاهد أيضاً

وكيح

وكيح يهود صهاينة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.